صمت قطري مريب على وضع « تنظيم الإخوان المسلمين » في قوائم الإرهاب

ربط قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإخوان مصر فقط تمويه لتجنب زلزال في التنظيم الدولي

سعت جماعة الإخوان المسلمين لامتصاص الصدمة، التي أحدثها قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالدفع نحو تصنيفها على قوائم الإرهاب الأمي، من خلال الإيهام بأن المقصود بالقرار إخوان مصر فقط وليس بقية الفروع والشبكات التي تمتد عبر القارات، وسط ارتباك داخل الجماعة وحلفائها الإقليميين وخاصة إيران وتركيا

ولازمت قطر الصمت رسميا إلى حد الآن، والأمر نفسه بالنسبة إلى اتحاد علماء المسلمين ممثلا برئيسه أحمد الريسوني ورمزه يوسف القرضاوي، ما يكشف عن تخوف كبير في الدوحة من نتائج الخطوة الأميركية في كشف الشبكات المتشددة التي تحركها على أكثر من جبهة

ويأتي التمويه الإخواني كخطوة يائسة لتأجيل تداعيات الزلزال الأميركي على فروع الجماعة في دول عربية وإسلامية يتم فيها إسباغ شرعية على التنظيم وأنشطته من خلال اندراجه في العمل السياسي، فضلا عن ارتباك غربي ناجم عن التعاطي مع الجماعة كتعبيرة “معتدلة” فيما تعاني دوله من إرهاب هو في أصله نتاج الثقافة والأفكار التي تروج لها تلك الجماعة

وتعامل بيان أصدرته جماعة الإخوان في وقت متأخر من يوم الثلاثاء مع الموقف الأميركي الحاد كأمر واقع، والتعهد بمواصلة خيار العمل “السلمي” رغم تحركات ترامب. لكن سعت لإفراغ القرار من أهم نقاط قوته كونه قرارا شاملا للتنظيم ككل مهما كان البلد الذي يوجد فيه تماما مثل حظر أنشطة داعش أو القاعدة في الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة وجنوب شرق آسيا، أي دون استثناءات

ويعتقد خبراء في الإسلام السياسي أن التمويه الإخواني بحصر حدود القرار في مصر حيلة من الجماعة ورعاتها لجعل الخطوة الأميركية مجرد موقف سياسي عابر، خاصة أن الجماعة في مصر مصنفة إرهابية ولا تحتاج إلى تصنيف جديد لتفكيك شبكاتها أو وضع أسماء قادتها على لوائح الإرهاب

ويتخوف الإخوان من أن ترامب، الذي يعرفون أنه شديد المراس، يمكن أن يجازف بالبدء في تنفيذ قراره حتى لو تأجل صدور هذا القرار من المؤسسات ذات الصلة، أو تحركت دوائر مرتبطة بقطر أو تركيا أو إيران لتعطيله

وسيلقي القرار بثقله ليس فقط على وكلاء الجماعة في المنطقة، مثل قطر وتركيا وإيران، الذين لن يجدوا هامشا لإرباك القرار، ولكن على دول هي في نفس الوقت حليفة للولايات المتحدة وتتعامل مع الإخوان كجماعات محلية في سياق توازنات سياسية أو طائفية داخلية

وسيسهل وضع فروع الإخوان على قوائم الإرهاب على هيئات قضائية ودوائر قانونية وحقوقية وسياسية مهمة تجميع الملفات التي تدين هذه الفروع التي تحمل تسميات متعددة للإيهام بانعدام صلتها بالجماعة الكبرى، أي التنظيم الدولي، وللتحايل على قوانين مدنية ترفض الاعتراف بالأحزاب الدينية

ويقول مراقبون إن وضع هذه الفروع على قوائم الإرهاب سيحتاج فقط إلى قرار سياسي قوي من واشنطن، مشيرين إلى أن فروعا إخوانية مثل حزب الإصلاح في اليمن وحزب العدالة والبناء في ليبيا وإخوان سوريا ومصر وحركة النهضة في تونس وإخوان أوروبا وحزب العدالة والتنمية، ستوضع على رادار الرئيس الأميركي

ويعتقد مراقبون أن القرار الأميركي سيكون بمثابة زلزال حقيقي كونه سيساعد على إظهار نفوذ الجماعة وشبكاتها المالية التي يتم استثمارها في تغذية الخلافات داخل دول عديدة في الشرق الأوسط، وشراء ولاءات إعلامية وسياسية، والتمدد عبر جمعيات خيرية ودعوية داخل المجتمع

ولن تكون الهزة، التي ستعرفها دول في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا بسبب هذا القرار، بأقل صدى عن الهزة التي يمكن أن تشهدها أوروبا التي ستستفيق على حجم تمدد الأخطبوط الإخواني وإمبراطورية المال العابر للقارات

وستصل الخطوة الأميركية وما يتبعها من تحقيقات وجهود لتقصي حدود ذلك التمدد إلى العلاقات المثيرة للجدل بين الجماعة وحلفاء محليين في المنطقة مثل قطر التي تلازم الصمت رسميا لكونها إحدى الجهات التي سيطولها لظى القرار لاحتضانها قيادات بارزة من الجماعة، ولعب الإعلام القطري، وخاصة قناة الجزيرة، دور الواجهة لخطاب التنظيم وخططه وتصفية حساباته مع دول الإقليم

من جهتها، لم تتردد تركيا في مهاجمة موقف إدارة ترامب لكونها تعرف أن أي إجراءات أميركية ضد الإخوان ستستهدفها بشكل أو بآخر كونها صارت مقرا شبه معلن لأنشطة التنظيم الدولي وندواته ومؤتمراته، فضلا عن إيواء قيادات هاربة من العدالة في بلدانها الأصلية

وذكر متحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا أنه إذا صنفت الولايات المتحدة جماعة الإخوان منظمة إرهابية فستعرقل بذلك جهود إرساء الديمقراطية في الشرق الأوسط وستخدم جماعات متشددة مثل تنظيم داعش

وقال عمر جليك المتحدث باسم الحزب، الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان والذي تعود جذوره إلى الإسلام السياسي، إن اتخاذ واشنطن قرارا كهذا : سيفرز دون شك نتائج خاطئة في ما يخص الاستقرار وحقوق الإنسان والحقوق والحريات الأساسية في بلدان العالم الإسلامي

وأضاف في إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) : في الوقت نفسه (تحرك ترامب) هو أكبر دعم يمكن تقديمه لدعاية داعش الإرهابي

ويرى المراقبون أن ملف الشبكات الإخوانية في تركيا بات معروفا ومثار جدل، لكن الخطوة الأميركية قد تنجح في إثارة الغبار على نطاق واسع بشأن علاقة الجماعة بإيران وحلفائها في المنطقة، وخاصة حزب الله اللبناني

ولفت هؤلاء إلى أن انزعاج وزير الخارجية الإيراني من “التصنيف الأميركي” يثير تساؤلات جدية، خاصة أن طهران حرصت في السنوات الأخيرة على أخذ مسافة من الجماعة بسبب مواقفها من الحرب في سوريا، وبسبب البرود الإيراني تجاه “الربيع العربي” الذي عجزت طهران عن منافسة الدوحة وأنقرة في الركوب عليه

وانتقد وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف الأربعاء إعلان البيت الأبيض عزم ترامب إدراج الإخوان على اللائحة الأميركية “للمنظمات الإرهابية”، مؤكّدا معارضة طهران لهذه الخطوة

وقال ظريف في تصريحات صحافية على هامش انعقاد منتدى “حوار التعاون الآسيوي” في الدوحة إن “الولايات المتحدة تدعم أكبر مصدر للإرهاب في منطقتنا وهو إسرائيل”، معتبرا أن واشنطن “ليست في موقع يسمح لها بمحاولة وضع آخرين في خانة الإرهاب”، في إشارة واضحة إلى الموقف من الحرس الثوري

وتابع ردّا على سؤال حول قضية جماعة الإخوان المسلمين : نحن نرفض أي محاولة من قبل الولايات المتحدة في هذا الاتجاه