التخمة الإعلاميّة

إنّي الممضي أسفله المواطن رقم 0000 أعلن عن تنازلي عن حقّي الدستوري في الإعلام و أتذرّع إلى كلّ وسائل الإعلام من تلفزات و إذاعات و جرائد و غيرها أن تكفّ عن تغطيتها اليوميّة لمعتصمي آبار البترول و معطّلي إنتاج الفسفاط و مختلسي الأموال العموميّة و مهرّبي الخيرات الوطنيّة و مخترقي الحدود السياديّة و مقاطعي الدروس العموميّة و قاطعي السكّة الحديديّة و المتظاهرين في الشوارع و الأزقّة و الرافعين للافتات و الصائحين و الصائحات و الباكيات المنوّحات على الفتيات المغتصبات و المتوحّدات المضروبات و الثكالى الجائعات و اليتامى المشرّدات

أتذّرع إليكم أن تكفّوا عن إعلامنا بالسدود التي نشحت و البحار التّي هجرت و الرمال التي اكتسحت و اللّحيّ التي انسدلت و الأرصفة التي اكتسحت و الأسعار التي احترقت و العملة التي انحدرت و الوجوه التي كلحت و الأفواه التي انفغرت و الجيوب التي انثقبت. في العاشرة احترام النائم، في التاسعة احترام الساّهر، في الثامنة احترام العائش، في السابعة احترام المريض، في السّادسة احترام الفقير، احترام الكبير، احترام الصغير. كفّوا عنّا طبولكم و صياحكم و هرجكم و مرجكم و سمومكم لقد تقيّأتكم عيوننا و عقولنا و أعصابنا. لقد كبستم على يقظتنا و أحلامنا و نخرتم لحومنا و عظامنا و إن متنا بشيء فلن نموت إلاّ بفيض الجرعات التي تدسّونها يوميّا في طعامنا و شرابنا و هوائنا فتبّا لكم و للحرّية التّي رخّصت لكم

الدكتور الهادي جطلاوي