بوجمعة الرميلي يرى في الأفق أشعة ضياء ومشروع عودة للابتسامة

أرى في الأفق أشعة ضياء ومشروع عودة للابتسامة قابلا للتحقيق

تعبت تونس وضجر التونسيون وأصبحت الصراعات مكروهة أصلا مهما كانت تبريراتها. وانفضح أمر الأبطال الزائفة، ومن عساه أن يدعي البطولة في شأن مخاض عسير دفع ثمنه بالاستشهاد أبناء الفقراء ولا أحد غيرهم؟ ضاع حق تونس والمواطنين بعدما ضربت الدولة في قوائمها لتصبح ‘تتكب وتتقعد’، بسبب عواصف عاتية، نرى كل يوم منها مشترة جديدة على المنابر الاعلامية، تهدد باقتلاع أركانها من العروق.

إن هذا البلد المبارك والشعب الكريم والأمة المجيدة لا يستأهلون هذا المسار والمصير. الحل في العودة إلى 2012، عندما هبت رغبة وطنية جارفة أزاحت ما كان يفصل من حيطان بين فصائل العائلة الوطنية بعد حلول الديمقراطية كنهج للحياة الجماعية، وفتحت طريقا حرا للتونسيين ليختاروا بين من يلعب على خلط الدين بالسياسة وبين من يصد هذا الباب قطعيا ونهائيا نظرا لما يحمله من كوراث لم تنته يوما طوال تاريخ البشرية جمعاء ولن تنتهي

وجاءت تطورات كثيرة بعد لحظة 2012، فيها الخير وفيها الشر، فيها الصالح وفيها الطالح. وقد آن الأوان لكي نحلق عاليا فوق كل تلك المراحل، بحلوها ومرها، ونعود إلى الانطلاق الجديد، لكن أغنياء هذه المرة بكم هائل من الدروس، لم نكن نمتلكها في الفترة السابقة والحياة مدرسة وتعلم لا يتوقف

إن المطلوب اليوم هو رمي كل الحجارة التي بحوزة هذا وذاك لينطلق لم شمل العائلة العريضة والأصيلة لأصحاب « مدنية الدولة وفصل الدين عن السياسة وحفظ بيوت الله من دعاة الفتنة واحترام حقوق الأفراد وحريتهم وإرساء المساواة بينهم بدون أي شكل من أشكال التمييز »، وذلك بدون معاداة ولا إقصاء ولا استئصال أي كان، لكن أيضا مع حق كل التونسيين للوقوف على الحقائق والتصدي الكامل والفاعل لحاملي مشاريع وممارسات العنف والإرهاب والاغتيال والتلاعب بمؤسسات الدولة والتهريب والفساد والحوكمة الطالحة

وبصفة عملية، فإن العاجل يتمثل في مرحلة أولى وهامة في انصهار الأحزاب والشخصيات أبناء نفس العائلة، كما حددناها آنفا، صلب نداء تونس التاريخي، حتى يدخل مرحلة إعادة تأسيس رادكالية، يسترجع بها جزءا هاما من البريق الذي اكتسبه في السابق عن جدارة، بقيادة جديدة تتمتع بالحد الأدنى من المصداقية والكفاءة والانسجام والجدية ونظافة اليد، و كذلك في تجاوز البرلمان فوضى الكتل المزيفة لنخرج من أزمة الحكومة المشلولة، باستقالة رجولية ومسؤولة ومشرفة من طرف يوسف الشاهد، يكون تبرير قراره واضحا وجليا بأن جل مسانديه تخلوا عنه، لأنهم اعتبروا من وجهة نظرهم أن العقد الذي التزموا به أصبح لاغيا، وعلى رأسهم نقابة المليوني ونصف أجير، حتى أصبح داعمه الوحيد حزب النهضة، ذلك الذي لا يمت ليوسفنا الشاهد بأي صلة إلا ما قد تغطي عليه أطنان الانتهازية والانتفاعية من أطراف مختلفة أصبحت غريبة التفكير والتصرف في هذه الفترات الأخيرة

أي أن المنتظر هو أن تتفرغ الحكومة المتفق عليها بشكل كامل بالتسيير المجدي للدولة وتوفير الخدمات الاجتماعية والتنمية ومواجهة الصعوبات المالية والظروف القاسية لعيش ضعفاء الحال والطبقات الوسطى، على أن يتفرغ، في المجال الآخر، أصحاب المشاريع السياسية المستقبلية لإعداد انتخابات 2019 بشكل منظم ومهيكل، على قاعدة سليمة، وليس في أجواء الازدحام الافتكاكي الفاقد لأي محتوى، من أجل إبراز أقطاب وازنة حاملة لبدائل حقيقية حتى لا تختزل الفرصة الثمينة الوطنية التي على الأبواب في الهرولة الفوضوية والانتهازية الصرفة وراء كراسي السلطة من أجل السلطة

هناك بوادر جدية لتسريع عملية الانقاذ الوطني على أسس صحيحة وجدية من المطلوب التسريع في شأنها، حتى نجني ثمارا قد أينعت وحان قطافها، قبل أن تسحقها إحدى زوابع البرد واردة النزول على رؤوسنا قبل أن نتخذ إجراءات الوقاية اللازمة

بوجمعة الرميلي