الدكتور الهادي جطلاوي يشهد على ما قاله عبدالكريم الزبيدي في محمد الطالبي

أتقدّم فيما يلي بشهادة في محمد الطالبي رحمه الله و في عبد الكريم الزبيدي كنتُ فيها عميدا لكليّة الآداب و العلوم الإنسانيّة و كان محمد الطالبي ضيفا علينا يلقي درسا افتتاحيّا و كان عبد الكريم الزبيدي رئيسا لجامعة الوسط. و كنت نشرت هذه الشهادة منذ أكثر من ثلاث سنوات في 16 فيفري 2016 اعترافا لبعض رجالنا بخصال باتت اليوم من الخصال النّادرة. و أنا أعيد نشر هذه الشهادة هنا في ظرف غير الظرف عساها تكون علامة مضيئة في مفترق الطرق و انسداد المخارج

شهادة للتاريخ حان قطافها 16 فيفري 2016

كنت فيما بين 1999 و 2005 عميدا منتخبا لكليّة الآداب و العلوم الإنسانيّة بسوسة و قد استضفت في مفتتح سنة من السنوات الجامعيّة الأستاذ محمد الطالبي لإلقاء الدرس الافتتاحي و كان موضوع الدّرس متمحورا حول « المنهج السّهمي في قراءة القرآن و تأويله » وهو، باختصار، منهج مقاصدي مقدّم لمقاصد المشرّع و محدّد للعبادات و المعاملات على أساسها و قد حضر لهذا الدرس الافتتاحي جمع غفير من الزملاء و الطلبة ضاق مدرّج يتّسع لخمسمائة طالب عن استيعابهم. و الجدير بالملاحظة أنّ محمد الطالبي لم يلتزم يومئذ بموضوع الدرس بل استطرد إلى التّشهير بالحاكم و بوزارة الدّاخليّة التّي حجزت يومئذ أخر إصداراته دون النشر و التوزيع استطرادا ذهب به إلى منتهاه دون جلبة أو مقاطعة و قد خشيت يومئذ عليه و عليّ و على المؤسّسة و هاتفت بعد انتهاء المحاضرة رئيس الجامعة يومئذ الأستاذ غبد الكريم الزبيدي قائلا : اسمع منّي سي عبد الكريم على الحقيقة ما سيبلغك بعد حين على التّهويل و كم كانت دهشتي عندما أجابني سي عبد الكريم: « إن كان محمد الطالبي لا يقول هذا في رحاب الجامعة ففي أيّ مكان تريد أن يقوله » و قد شكرت لعبد الكريم الزبيدي يومئذ مروءته و رجولته في زمن ضنّ علينا بأمثاله
أقول قولي هذا للتنويه برجال أفذاذ قلائل في زمن انعدمت الرجولة فيه أو كادت و للتنديد بمنع الطالبي اليوم من فضاء المكتبة الوطنيّة متسائلا مثل الكثير من الناس تساؤلا لا رجوع فيه إلى العهود البائدة: هل هذا ما جنينا من الثورة أم ما جنت علينا به الثورة و إلى أيّ مصير نحن سائرون؟

الدكتور الهادي جطلاوي