الأديب حسن المحنوش يأسف على سنوات ضيّعها في دعم الباجي

حصيلة سي الباجي الرئاسية

كلنا يعلم ويعرف ومن لم ير سمع أن حصيلة سي الباجي ابان عمله مع بورقيبة خرج منها بكتاب طويل وعريض كتب فيه ما شاء له أن يكتب من قصص وآراء وحكايات وأحداث عايشها ونقلها بتصرف والبعض منها تبناه دون أن يكون له ضلع فيه مثل قضية الاعتداء الإسرائيلي على حمام الشط وما فعله بورقيبة وما ابرزه من مواقف صارمة ضد أمريكا كي لا تستعمل أمريكا حق النقض الفيتو ضد إدانة اسرائيل وهو ما حدث لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية
وكان اعتقادنا بالنظر للخمسين سنة التي قضاها سي الباجي متنقلا بين عدد من المهام والمسؤوليات الحزبية والوزارية والدبلوماسية في عهد بورقيبة ستجعل منه بورقيبة جديدا متجددا بعد كارثة الربيع العبري وكنا في أمس الحاجة إلى رجل يعيد لنا المجاهد الأكبر وإخلاصه وصدقه وشجاعته وفكره لينقذ تونس من جديد
لكن ويا للاسف الذي حدث كان مخيبا للآمال وبينت لنا الأحداث أننا كنا نعيش في وهم وسرعان ما صدمنا الواقع المر والاليم والمحزن عندما بدأت صورة سي الباجي تتشكل أمام اعيننا وبدأت البلاد تسير نحو الهاوية والدولة تفقد هيبتها والإدارة تتحلل وتنهار والأمن يضطرب والدواعش يحتلون الجبال وجنودنا يذبحون واعوان أمننا يسجنون وكل ذلك بسبب غلطة خطيرة وانزلاقة أخطر وقفزة في الهوا غير محسوبة اراد بها سي الباجي أن يستولى على الكل فخسر الكل
اراد ان يملك الأغلبية في مجلس النواب ليتمكن من تمرير ما يريده وجاء بالنهضة وهو يعلم أو لا يعلم بأن رجال تونس وحرائرها وهم بالملايين جاؤوا به أي سي الباجي ليحل محل النهضة ليعيد لنا زمن دولة الاستقلال وحكمتها ووطنيتها وإنجازاتها واستقرارها ويحمي سيادتها واستقلال قرارها
لكن جرت الأمور بما لايشتهيه سي الباجي فخسر المركز الأول في مجلس النواب وتعطلت مشاريعه ولم يستطع تمرير قانون واحد مثل قانون المصالحة الاقتصادية الذي بقي في رفوف مجلس النواب لسنوات حتى تلاشى والجزء الوحيد الذي مر من هذا القانون وكان بفضل محسن مرزوق كان قانون المصالحة الإدارية
وأراد سي الباجي أن يحتفظ بحزب النداء فوضع على رأسه ابنه حافظ وتوالت الانشقاقات والخلافات حتى تحول حزب النداء من حزب إلى خمسة أحزاب ولم يحرك سي الباجي ساكنا لينقذ الحزب من ابنه ويعيد له مكانته ووزنه ووحدته وأراد سي الباجي أن يفتك صلاحيات رئيس الحكومة فجاء بحيلة قرطاج واحد وحكومة الوحدة الوطنية وعزل بمقتضاها الحبيب الصيد وجاء بيوسف الشاهد وهو يعلم بأن يوسف الشاهد لا رصيد له في العمل السياسي والاداري والحزبي كي يجعل منه ساعي بريد ويجمع سي الباجي كل صلاحيات الحكومة والرئاسة ويصبح الحاكم بأمره والمسيطر على الوضع
ومرة أخرى يفشل سي الباجي ويخسر يوسف الشاهد الذي تعلم من عملية عزل الحبيب الصيد ولم يفلح سي الباجي باستعمال حيلة قرطاج اثنين في عزل الشاهد وخسر سي الباجي يوسف الشاهد الذي انقلب عليه بدعم من النهضة وغادر اغلب أعضاء مجلس النواب التابعين للنداء والتحقوا بالشاهد والنهضة وفقد سي الباجي كل شئء
والآن نأتي إلى الحصيلة
الحصيلة خرج سي الباجي عوضا عن توليه لمنصب وزير الدفاع في عهد بورقيبة ثم وزيرا للخارجية أصبح الآن يجمع بين الوزارتين وزارة الخارجية ووزارة الدفاع .وما زاد على ذلك كما يقول سي الباجي تقشقيش احناك
الحقيقة لم أكن أشعر بالسعادة وانا اكتب هذا المقال بل أشعر بالحسرة على ثماني سنوات ضيعتها من عمري في هذا العهد الردئ وهذا الزمن الاغبر في دعم سي الباجي والدفاع عنه بكل ما أوتيت من قوة ثم خرجت اسفا على ما فرطت من عمري

حسن المحنوش