كاراكوز اللّباس التقليديّ

يحرجني أن أكتب هذه الأسطر بعد أن شاهدت على الفايسبوك ما نشره الأصدقاء من الصور لصغارهم يحتفلون باليوم الوطني للباس التقليدي و بعد أن شاهدت في حومتي من طيور الجنّة الرّافلين في ثياب رجاليّة جديدة أنيقة تامّة الشروط من بلغة السّاق إلى الجبّة الخمري إلى البدعيّة إلى الشاشية و في ثياب نسائيّة زاهية منها « الملية » البدويّة و منها « الفوطة » و « البلوزة » و تيجان العروس الكرتونيّة. و لم أر انتشارا لـ »مريول فضيلة » على اختلاف ألوانه كالذي شاهدته اليوم. لقد اجتهد المنظّمون أن يجعلوا من هذه المناسبة احتفالا مشهودا و عرسا بالزكرة و الطبّال
غير أنّ المتزيّين اليوم باللباس التقليدي لم يكونوا في حالتهم الطبيعيّة و إنّما كان احتفالهم حفلا مقنّعا لم يعرف فيه بعضهم البعض بل إنّ الواحد لم يعرف فيه نفسه و في المساء ينتهي الحفل و غدا نرجع ما اكتريناه أو استعرناه إلى أصحابه أو نحفظه في خزائننا في انتظار نفس الموعد في العام القادم
أنا لا أعرف من الشعوب العربيّة من جعل من اللباس التقليدي مناسبة احتفاليّة فلكلوريّة لأنّ اللباس في الشرق و المغرب مظهر يوميّ طبيعيّ و علامة صناعيّة مميّزة للعماني و الإماراتي و القطري و السعودي و المغربيّ .. و سمة من سمات الهويّة و صناعة وطنيّة لا سبيل إلى التفريط فيها
قد يقول لي بعض الأصدقاء و هل ترانا في غير الثوب الغربي؟ و هل ترانا نرتدي الجبّة و البرنوس و الكاشابية و الشبابيّة؟ و هل تريد بنا القهقرى في لباس لم يعد صالحا لسياقة السيّارة و الجلوس إلى مقاعد الدراسة و العمل و المطبخ؟ أليس في الاحتفال باللباس التقليدي كفاية للتعبير عن رسوخنا في التاريخ و اعتدادنا بأصالتنا و تراثنا؟ أمّا أنا فلم أر اليوم سوى كاراكوز مثير للسخرية و للشفقة كان فيه القلب غريبا عن القالب

الدكتور الهادي جطلاوي