أسئلة كبيرة ، خطيرة و كثيرة حول حِياد ونزاهة نبيل بفون وهيئته ؟

نشرت جريدة الصباح يوم 8 سبتمبر مقالا عنوانه « شكوك ومخاوف ترافق أداء هيئة الانتخابات »، ونشرت جريدة المغرب في اليوم نفسه خبرا يفيد تسجيل « 416 مخالفة خلال الحملة الانتخابية » حتى ذلك اليوم. ويبدو أن المخالفات من كل الأنواع قد تهاطلت بعد ذلك إلى درجة جعلت السيد بفون رئيس هيئة الانتخابات يصرح بأن « الهيئة سجلت مخالفات جسيمة وأحيانا خطيرة »، ورغم تعدد الأخطاء وجسامتها وخطورتها فإن الهيئة لم تفعل شيئا لردع أي منها ومعاقبة أي مرتكب لها. والسيد بفون يعِدُنا – ولله الحمد – بأن « الهيئة لن تتردد في تطبيق القانون إذا ثبت أن من شأنها [أي المخالفات المرتكبة] أن تؤثر على نتائج الانتخابات »، أي إن الهيئة تنتظر حصول المحظور لتحاول إثبات حصوله أولا ثم لتطبيق القانون بعد ذلك، أي بعد فوات الأوان؛ وكأننا بالسيد بفون وأعضاء الهيئة ينتظرون أن يأتيهم المُـخَالِفُ بنفسه ليعترف لهم بخطئه وليطلب منهم ردعه! وما نستنتجه مما سبق ذكره هو أن الهيئة تتعامل مع ظواهر الغش في سلوك المترشحين وخاصة مع سلوك المنظمين لحملاتهم الانتخابية تعاملا لينا جدا دالا على نوع من اللامبالاة غريب. ويبدو أن من أسباب هذه اللامبالاة حرص الهيئة على « توفير كل الظروف لإنجاح الانتخابات في الداخل والخارج »، وإنجاح الانتخابات يعني عدم التشويش عليها وعلى الهيئة بإثارة قضية المخالفات الجسيمة والخطيرة المرتكبة لأن إثارة هذه القضية تُعَرْقِل حسب رئيس الهيئة الانتقال الديمقراطي الذي تحرص الهيئة على إنجاحه! وما نخشاه بعد هذا هو أن تتواصل هذه اللامبالاة ويتمادى هذا التراخي حتى يَمسَّا عملية الانتخاب نفسها يوم الأحد 15 سبتمبر فتظهر المخالفات « الجسيمة والخطيرة » في مكاتب الاقتراع إلى درجةٍ تبلغُ تزويرَ الانتخابات بطرق شتى يُتقنُ معرفتَها المزوِّرُون ثم تمرّ هذه المخالفات بسلام كما مرت المخالفات الجسيمة الخطيرة السابقة! وليس ذلك غريبا

أوّلا- في جو انتخابي محموم قد عاين فيه المواطن المخالفات بنفسه وخاصة ممن لا يرى حرجا في العبث بما نسميه « الآداب الانتخابية »؛

ثانيا- لأن المواطن يعلم أن هيئة الانتخابات توصف بالمستقلة لكن وجودها لم يتم إلا بعد « هِياَطٍ ومِيَاط » – حسب عبارة أبي العلاء على لسان ابن القارح – وتوافُقٍ بين الأحزاب قد روعيت فيه مصالحُ الأحزاب ذاتها قبل مصلحة الوطن، وذلك كله يشكك في استقلاليتها ولا ينجيها من توظيف الأحزاب لها وخاصة ما عُرِفَ منها بمناوَراته ومداوراتِه وتَحَايُلاَتِهِ على القانون وعلى الدستور! وما ظهرَ منه للملاحظين أنه يريد – بدعم ظاهر من « المناشدين » البواسل – فرض نجاح مرشّحه فرْضًا! هي مرحلة حرجة جدا في تاريخ التجربة الديمقراطية بتونس، وعلى هيئة الانتخابات أن تتخلى عن ليونتها المفرطة في السلوك ولامبالاتها الظاهرة للعيان في تعاملها مع المخالفات سواء كانت بسيطة أو كانت جسيمة خطيرة

الدكتور إبراهيم بن مراد