رسالة مفتوحة إلى الدكتور حميدة النيفر: ما هي علاقتك بجماعة الإخوان المسلمين ؟

الحمد لله وحده

حضرة الدكتور حميدة النيفر
السلام عليك وبعد

لا أدري إن كنت تتذكرني فقد تعرفنا على بعضنا البعض منذ قرابة نصف قرن وإن كنا لم نتواصل كثيرا خلال هذه المدة الطويلة إذ لا أذكر أننا التقينا أكثر من أربع أو خمس مرّات على أقصى تقدير، كانت جميعها بمحض الصدفة. من بينها تلك التي تمّت أمام بريد شارع 9 أفريل بتونس العاصمة، غداة أحداث 26 جانفي 1978 وتلك التي وقعت في أحد محلات بيع لوازم السّفر في شارع ماجنتا، بالدائرة الباريسية التاسعة، في منتصف تسعينات القرن الماضي…والمرة الأخيرة بعد جانفي 2011، غير أنّ هذا لم يمنعني أن أكّن لك الاحترام الذي أنت به جدير. وفي هذا الصدد أذكر أنني بعثت لك رسالة تهنئة من المغرب حيث كنت أعمل بمناسبة تأسيسك لمجلة 15-21 في بداية ثمانينات القرن الماضي. أمّا اليوم فأكتب لك في موضوع يشغل كثيراً من التونسيين وهو حقيقة العلاقة بين حركة النهضة التونسية وجماعة الإخوان المسلمين المصرية
يعرف كلّ الذين واكبوا نشأة الجماعة الإسلامية أو الفرقة الناجية من النار، في أواسط سبعينات القرن الماضي، موقعك منها ويعلمون أيضاً أنك أنت الذي أديت يمين البيعة والولاء للتنظيم الدولي مرتين نيابة عن حركتك وقيل أنك اعترفت بذلك في محاكمة حركة الاتجاه الإسلامي بتونس في خريف سنة 1981
وأذكر أنني سألت المرحوم صالح كركر في باريس سنة 1992 وهو الذي كان رئيس حركة الاتجاه الإسلامي حتى خروجه من تونس خريف 1987، كيف تخرج من البلاد وأنت قائد هذه المغامرة فصرّح لي أنّ خروجه من تونس في تلك الظروف كان لغاية استشارة جماعة الأخوان في مصر في موضوع الانقلاب الّذي أعدته المجموعة الأمنيّة التابعة لحركة الاتجاه الإسلامي في بدايات شهر نوفمبر1987
كما أفادني أحد أعضاء الحركة في منتصف عقد الألفين، أنّ القانون الأساسي لحركة الاتجاه الإسلامي أو النهضة، يتضمن بندا سرياً يُتلى في افتتاح كل مؤتمر يجدد فيه أعضاء الحركة ولائهم للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين. ومنذ سنتين فقط سألت أحد مؤسّسي الحركة، أتحفظ عن ذكر اسمه لأجنبه شظايا أسلحة إخوانه: إن كان تقديم ولاء الجماعة الإسلامية في تونس للجماعة في مصر قد تمّ في سنة 1974 أو 1975 فقال لي: » هو كذلك … » دون تفاصيل أخرى
.
ومع ذلك يصرّ رئيس الحركة وقادتها على إنكار كلّ علاقة عضوية ويعترفون فقط بعلاقة فكرية ببعض رموزها وفي ذلك حكم ضمني على هذه الجماعة بأنها لا تستحق الولاء أو حتى الاقتراب منها ويبرر تصنيفها بالإرهابية من قبل كثير من الدول. و من المفارقات الغريبة أنّ شخصاً كالسيد مهدي جمعة، رئيس الحكومة ألأسبق الذي لم يعرف بأنه مؤرخ أو حتى بأنَّه مهتم بشؤون التيارات السياسية والدينية قد أدلى بدلوه في هذا الإجماع على الإنكار و صرّح مؤخرا في عمّان: « ليس عندنا إخوان مسلمون في تونس ».
و في المدة الأخيرة نلاحظ أنّ حركة النهضة قد تخلت عن الكثير من هذه الرموز حيث غيّبت أبا الأعلى المودودي و الندوي و سيّد و محمد قطب من قائمة مرجعياتها الفكرية دون تفسير أو مبرر لذلك، و تم نفس الشيء مع المرحوم مالك بن نبي قبل ذلك بسنوات، عندما تبين أن فكر الرجل هو على نقيض فكر الإخوان منذ وطأت أقدامه أرض مصر في سنة 1954
ومنذ أكثر من نصف قرن نشأت تنظيمات دولية منها ما جمع الدّول مثل الكومنولث والحلف الأطلسي وحلف وارسو ثم رابطة الدول المستقلة ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنها ما جمع الأديان والطوائف من ارثدوكس وبروتستانت وانجيليين ومنها ما جمع الحركات الأيديولوجية مثل الصهيونية والأحزاب السياسية من شيوعيين واشتراكيين وقوميين ومنها ما جمع الأحلاف العسكرية …. فما العيب ان ينشأ تنظيم دولي للإخوان المسلمين?
وعندنا في تونس منذ سنوات فرع للإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يرأسه الدكتور عبد المجيد النجار الذي أعرفه منذ أربعين سنة وهو اتحاد معروف منذ نشأته في دبلن بأنه الجناح الخارجي لتنظيم الأخوان
.
وقريب منا في الزمان والمكان كان هناك تنظيم دولي للاشتراكيّين « الدولية الاشتراكية انضمت البه عديد الأحزاب والحركات السياسية في كامل أنحاء العالم كان من بينها حزب التجمع الدستوري الديمقراطي وحركة الوحدة الشعبية … وعندما أفل نجم هذه الأخيرة عوّضه حزب التكتل الديمقراطي بقاعدته المتواضعة، وها أنّ هذا التنظيم الدولي ينهار برمّته
.
وبخصوص موضوع الرسالة وعلاقة النهضة بالتنظيم الدولي يبقى لي تفسير منطقي واحد وهو أنك قدمت الولاء باسمك الخاص وباسم مجموعتك 15/21 فيما بعد وفي هذه الحالة فهو لا يلزم الجماعة الاسلامية ومن بعدها حركة الاتجاه الاسلامي وحركة النهضة
.
أرجو ان تدلي بشهادتك التاريخية بكل صدق وأمانة لأنه من أسباب الأزمة القاتلة التي يعيشها مجتمعنا هي غياب الحقيقة بل طمسها و الإصرار على ذلك في حين أن الحقيقة وحدها هي التي يمكنها أن تنجّينا
مع خالص التقدير

الوردانين في 14 جوان 2018

أحمد المناعي

اخترت تاريخ 14 جوان لهذه الرسالة لأنه الذكرى العاشرة لتصريحي على قناة الجزيرة مباشر-14 جوان 2008-بأن حركة النهضة قد خططت لمحاولتين انقلابيتين فاشلتين في 1987 و1991 وهو ما اعترف لي به رئيسها راشد الغنوشي (-الذي التقيت به أول مرة من خمسين سنة-) في مكالمة هاتفية من الغد الجمعة 15 جوان 2008 على الساعة الثالثة بعد الظهر، فعسى أن يغضب مرة أخرى ويعترف بأن النهضة هي فرع الأخوان في تونس. وأشير أن راشد قد بعث برسالة استسلامه الى الرئيس بن علي بتاريخ 8 جويلية 2008 وانه أصدر قراره بمقاطعتي الكاملة والشاملة في السراء و الضراء و هو ما يسمونه سلاح الدمار الشامل ألا انه سعى للقائي أثناء الحملة الانتخابية في 2014 فرفضت
وسأضل أشهد وأشهد إلى أخر ساعة من حياتي

اضغط هنا لقراءة الرسالة مترجمة إلى الفرنسية