على راسو ريشة

خرجت من المخبزة، فرأيت جاري السبتي أوّل طابور البريد وقد ميّل شاشيّته البالية، وقفت منه على مترين أسأله عن حاله، أخبرني أنّه في الطابور من أجل منحة المائتي دينار، لفتُّ نظره بصوت عالٍ إلى أنّ حياته في خطر لازدحام الطابور، ما اكترث، والتفت إليّ الطابوريّون وكأنّهم اشتمّوا رائحة كريهة، أجابني أنّه ميّت جوعا في حانوته اليوم أو غدا، فكورونا أرحم من الفقر
دقّقت النظر في ريشة غرزها على شاشيّته، أجاب وقد فهم نظرتي: « تعرف سي توفيق أنّي أنا دجّاج، رزقي مربوط بدجيجات، توّا نهارين ما بعت حتّى رطل، الجيران وقت سمعوا حوار رئيس الحكومة ما شرى مني حد »، اِستغربت وإن كنت أعرف هبْلاته وخرْجاته، وسألته عن علاقة هذا بذاك، قال في ثقة :  » وقت قال « على راسو ريشة » ارتبط الريش في أذهان العباد بالفساد ومخالفة القانون، وأقرب ريش تعودوا عليه ريش الدجاج طبعا، وقْت كرهوا الريش كرهوا الدجاج وقاطعوه، ومع كورونا، العباد قربوا الربّي أكثر وبعدوا على الفساد، فجات الضربة في دجاجي
أعجبتني التخريجة وإن كنت أعرف أنّ أهل الحيّ قاطعوه لغشّه، تابعت التظاهر بتصديقه، فأردف قائلا:  » بصراحة، بقولة على راسو ريشة، رئيس الحكومة، رغم أنّه شخص محترم، طيّح قيمة الدجاج، يا حسرة على قيمة الدجاج، تتذكر أقوالنا في الصغر « كوراج لحم دجاج »، ربّي يهديه. هو قال  » حتى حد ما على راسو ريشة »، هاني على راسي ريشة، احتجاج عليه، وزيادة على هذا، أنا مخالف الحظر، وإذا الدولة قويّة توقفني. هدّأته على أمل لقاء آخر، وواسيته بأن المنحة ستعوّض له بعض الخسائر الدجاجيّة
وأنا عائد وقد أتممت شؤونا أخرى، رأيته خارجا من مركز البريد غاضبا حانقا، ما إن رآني حتّى أخبرني أنّ البريد لم يمكّنه من أمواله، فاسمه غير موجود، دخل في حالة هستيريّة سابّا الجميع، لم  يسلم منه البريد وأعوانه، والدولة ووزارؤها، ما استثنى في ذلك دجاجه وريش دجاجه. التفت إليّ بصوت جهوريّ
هبّلني رئيس الحكومة، شبيه على دجاجي، هاو رئيس الدولة يكتب بريشة، أما ريشة نعام، ورئيس حكومة يحكي على ريشة دجاج، وهيبة الدولة ! ». حاولت تهدئته وتصحيح تأويله، فإذا به يقول » في ثقة : ما عندي حتّى حل إلاّ نمشي نشكي لريشة الحمام إلّي على راس البرلمان

الدكتور توفيق العلوي