الاتحاد العام التونسي للشغل يُسجّل و ينبّه و يطالب و يرفض و يُحذّر و يُندّد

نحن أعضاء الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل المجتمعين اليَوْمَ 11 مارس 2018 برئاسة الأمين العام الأخ نورالدّين الطبّوبي، بعد تدارسنا للوضع العام بالبلاد واستعراضنا للنشاط النقابي، فإنّنا

نعبّر عن كبير اعتزازنا بالانتماء إلى الاتحاد العام التونسي للشّغل ونجدّد تثميننا للجهد المبذول في إنجاح الممارسة الديمقراطية داخل المؤتمرات الجهوية والقطاعية في إطار احترام دستور المنظّمة والتنافس النزيه والاستشراف المستقبلي في البرامج والمضامين وتمتين الوحدة ودعم التضامن النقابي وتعزيز الاستقلالية

نسجّل تأزُّم الوضع السياسي في البلاد نتيجة غموض الرؤيا وعودة التجاذبات بتأثير المحطّات الانتخابية المرتقبة وإغراءات المواقع وضعف التنسيق بين دوائر القرار بل وتناقضها أحيانا وغياب البرامج وعدم الالتزام بالأولويات وعدم ترجمة تلك الأولويات إلى خارطة طريق واضحة. وننبّه إلى التداعيات السلبية لهذا الغموض وللسياسات الليبيرالية على مزيد تأزيم الوضعين الاقتصادي والاجتماعي. ونؤكِّد على ضرورة تقييم الأداء ومدى الالتزام بالأولويات في ظلّ توسّع دائرة العجز والتقصير، ونطالب بسرعة توضيح الأفق السياسي وضخّ دماء جديدة في جميع مفاصل أجهزة الدولة بما يعطي لهذه الأجهزة النجاعة الضرورية والجدوى الأساسية وينقذ البلاد ممّا تردّت فيه وَمِمَّا يتهدّدها من مخاطر

نذكّر بالمقترحات التي تقدّم بها الاتحاد للقيام بإصلاحات عميقة في منظومة الجباية وفِي المنظومتين المالية والبنكية ونجدّد الدعوة إلى الإسراع باتّخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ الدينار والتدقيق في الديون الراجعة إلى البنوك العمومية واستخلاصها ومحاصرة المعاملات المالية التي تجري خارج الدّائرة الرسمية والحرص على مكافحة التهرّب الضريبي ووقف إثقال كاهل الأجراء بمزيد الضرائب والأداءات ومقاومة تبييض الأموال والتدقيق في مصادر تمويل عديد الجمعيات والأطراف ومحاصرة التهريب والتجارة الموازية وإدماج الاقتصاد غير المنظّم.على ضرورة الإسراع بالتفاوض لإنقاذ المؤسّسات العمومية بإصلاحها وحوكمة إدارتها وتسييرها وتمكينها من الدعم المادي اللازم وسداد ديونها المتخلّدة بذمّة الدولة وفق استراتيجية اجتماعية واضحة، ونجدّد موقفنا الرّافض لدعوات الخوصصة بكلّ أشكالها بما فيها تعلّة الشراكة بين القطاعين العام والخاص ونحذّر من عمليات المراكنة لغاية التفويت. وندعو كافة العاملين في القطاع العام إلى التصدّي الميداني والقوي للخوصصة والحرص على إنقاذ مؤسّساتهم وضمان ديمومتها بمزيد العمل والبذل ومقاومة الفساد، كما نطالب بالإسراع بإصلاح منظومتي التعليم والصحَّة بصفة تشاركية ونحمّل الحكومة المسؤولية في إنقاذ هذين القطاعين الحيويين الذين يتمّ تدميرهما بشكل ممنهج وانتهاك حقوق العاملين فيهما والاعتداء عليهم وشيطنتهم وصلت إلى حدّ البدء في توظيف حملة مسعورة ضدّهم بمناسبة الانتخابات البلدية، كلّ ذلك في إطار سياسة ضرب المرفق العمومي. ولا يفوتنا أن نترحّم على التلميذتين اللتين قضتا بعد حريق المبيت في تالة ونندّد بعمليات الحرق الإجرامية التي طالت عددا من المبيتات وحرمت عددا كبيرا من أبنائنا من الدراسة

بقدر مساندتنا للتحرّكات الاجتماعية السلمية ودعمنا لحقّ أبناء شعبنا في العمل وحقّ كافّة جهات البلاد في التنمية، فإنّنا نرفض تعطيل الانتاج وندعو إلى ضمان حقوق العمّال في العمل، ونسجّل ما لحق عددا من المؤسّسات الاقتصادية وعمَّال مناجم الفسفاط والمركّبات الكيمياوية وأعوان السكك الحديدية وغيرهم من أضرار نتيجة وقف الانتاج وتعطيل نقله، وندعو السلط إلى تحمّل مسؤوليتها في إيجاد حلول لمشاكل البطالة والتهميش والإقصاء

نشدِّد على احترام موعد انطلاق المفاوضات الاجتماعية العامّة في الوظيفة العمومية والقطاع العام والمفاوضات القطاعية فِي القطاع الخاص، ونجدّد مطالبة الحكومة بالزيادة في الأجر الأدنى المضمون بعنوان 2017 في ظلّ الارتفاع القياسي لنسبة التضخّم. وندعو الحكومة إلى الإسراع باتخاذ التدابير الضرورية لوقف التهاب الأسعار وارتفاع نسب التضخّم التي انضافت إليها الزيادة في نسبة الفائدة التي ستفضي إلى أعباء جديدة على الأجراء وعموم الشعب وهو ما يستوجب الحدّ من التدهور الحادّ لمقدرتهم الشرائية. كما ندعو الحكومة إلى الالتزام بتطبيق الاتفاقيات المبرمة بالتعجيل بتطبيق ما يتمّ الاتفاق فيه قطاعيّا وجهويّا وفي لجنة 5+5 وذلك بإصدار الأوامر والمناشير الترتيبية الخاصة بها في آجالها وإنهاء التفاوض في الملفّات القطاعية العالقة

ننبّه إلى ما يتهدّد قطاع الإعلام من خطر التفتيت والتفليس والتدجين وهيمنة المال السياسي، ونؤكِّد على ضرورة التجنّد للدفاع عن الإعلام العمومي بوصفه الضامن لإعلام حرّ ومستقل، ونطالب بتطبيق الاتفاقات المبرمة بخصوص دعم قطاع الإعلام وشروط التفويت في المؤسّسات الإعلامية المصادرة ونجدّد مطالبتنا بسحب مشروع قانون الإعلام السمعي البصري ومناقشته مع هياكل المهنة ومع المجتمع المدني

نطالب بمراجعة جرايات المتقاعدين المنخرطين في الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية وذلك بتطبيق الفصل 37 من القانون عدد 12 من سنة 1985 المتعطّل بموجب إدراج القسط الثاني من زيادات 2017 تحت عنوان الاعتماد الجبائي رغم الاتّفاق المبرم مع رئيس الحكومة والقاضي بإصلاح هذه الوضعية وتمتيع المتقاعدين من حقّهم في الزيادات

نطالب، على إثر نشر بعض الوثائق التاريخية، بالكشف عن حقيقة عدد من الاتفاقيات التي أمضتها الدولة التونسية بخصوص الثروات الباطنية والاتفاقات التجارية لما فيها من إجحاف ومن ضرر بمصلحة تونس ومساس من السيادة الوطنية وندعو إلى مراجعة هذه الاتفاقيات والحفاظ على الثروات الوطنية.

ندعو كافة الشغًّالين إلى المشاركة المكثّفة في الانتخابات البلدية القادمة والحرص على اختيار المترشّحين على قاعدة الكفاءة ونظافة اليد والقدرة على خدمة عموم الشعب والحذر من كلّ التأثيرات المخادعة والمغالطة والمفسدة للديموقراطية ومنها تأثيرات المال الفاسد والتجاذبات الجهوية والمصلحية، حتّى يكون الانتخاب نزيها ويكون الناخب حرًّا وصائبا في اختياراته، كما نجدّد مطالبتنا بالحرص على نزاهة الانتخابات وذلك بضمان شفافيتها وتكافؤ الفرص فيها وحقّ مراقبتها بصفة مستقلّة وضمان صحّة القائمات الانتخابية والحياد الفعلي للإدارة والمساجد وغيرها من المرافق العمومية التي ينبغي النأي بها عن التجاذبات السياسية والانتخابية

نجدّد تنديدنا ورفضنا للقرار الجائر الذي اتّخذته الإدارة الأمريكية بنقل سفارتها إلى القدس وإمعانها في استفزاز مشاعر العرب بتحديد موعد 15 ماي موعد تنفيذ ذلك ليتزامن مع تاريخ النكبة. كما ندعو من جديد المجتمع المدني والقوى الديمقراطية في تونس وفي البلاد العربية وفي العالم إلى الوقوف ضدّ هذا القرار ونطالب مجلس نوّاب الشعب بالإسراع بسنّ قانون يجرّم التطبيع

تونس، في 11 مارس 2018

الأمين العام

نورالدين الطبوبي

بـيــــــــان الهيئة الإدارية الوطنية

الصورة مأخوذة من الصفحة الرسمية للإتحاد في تغطيتها لأشغال الهيئة الإدارية وهي تُغني عن التعليق