اتّبع عقلك، فالعقل نبي (1) : في تجاوزات الإسلام الدّستوريّ وجرائمه الفعليّة والمحتملة

خُصِّصْتَ بِعَقْلٍ فاتّبِعْه ، فكلّ عقل نبيّ »  أبو العلاء المعري »

الإهداء

إلى شكري بالعيد. إليه هو الّذي أودى بحياته إمساك بعض الآدميّيّن عن العقل وإمعانهم حدّ التّخمة في الغثاء. صاموا عن العقل فجرّدهم الغثاء من الإنسان وسربلهم في وبر الحيوان ومخلبه. إلى شكري بالعيد حتّى يسفر الظّلام عن وجوه قتلته من بهائم الأدغال الّذين تنكّروا في إهاب البشر، وتسلّلوا إلى المعابد ليفترسوا فيها بدون رادع قلوب المعذّبين في الأرض

المؤلّف

تصدير

:إذا كان للإنسان أن يعادي، فليعاد الحجْر على الأفكار، واستعمال أنواع الضّغط ولو كان أدبيّا بحتا، ولو كان أصحاب هذا الضّغط والحجر منّا، ولو كانوا يلبسون لبوس الوطنيّة، ويتعمّمون الدّين. فلنستعمل عقولنا دائما، ولنعرض عن قوم يريدون إيهامنا بأنّ عقولنا أعداء واجباتنا وديننا
زين العابدين السّنوسيّ، موسوعة الشّابّي، 2/20
الحلقة الأولى من الكتاب
الإسلام الدّستوريّ

– 1 –

عجبي من عاقل يعتقد جازما أنّ أرض وطنه تونس اعتنقت ديانة بعينها (الإسلام المالكي الأشعريّ، المطعّم بجرعات من الوهّابيّة، تحديدا باعتباره « الدّين الأغلبيّ »، وتجاهل « أديان ومذاهب الأقلّيّات » بصفتها من فصيلة « الصّفر فاصل » الّتي لا يعتدّ بها في حلبات السّباق العقديّة بسبب ما لحقها من تحريف وزيغ)، وأنّها لن تحيد عنها مدى الدّهر طوعا أو كرها لأنّها منه بمثابة الجلد من الجسد. أمّا البشر الرّابضون في هذا « المعتقل الوطنيّ » (باعتبار أنّ الدّيانة هي « الوطن » الحقيقيّ، لا وطن للتّونسيّين الأصيلين غيرها) فهم ملزمون أن يعتنقوا الدّين الّذي ارتضته لهم تونس، « أمّهم » الحنون. ومن أدرى من « الأمّ » بما يصلح لضمير ولدها، فضلا عن جسمه طبعا؟ فمن أراد أن لا يكون بأمّه عاقّا فليعتنق طائعا مختارا ما اختارته له أمّه، وليكن على يقين أنّها لم تختر له إلاّ الأفضل

– 2 –

ما لمن يزعمون أنّ تونس (الأرض والبحر والسّماء والهواء والنّبات) دولة مسلمة ينسون أنّهم هم (أي أشياع « الإسلام السّياسيّ » وأعوانهم وأحلافهم وأذنابهم وأذرعهم القتاليّة وأنيابهم ومخالبهم الإرهابيّة) من سطّروا بأيديهم هذه الفرية في دستور نسبوه إلى « المدنيّة » و »الدّيمقراطيّة » زورا وبهتانا؟ ولو صحّ زعمهم – وهو لا يصحّ طبعا عقلا ومنطقا لأنّ الأرض لا دين لها -، فهل يعني ذلك أنّ التّونسيّ ملزم اليوم باعتناق هذا « الإسلام الدّستوريّ » وإلاّ أضحى في عرف واضعي هذا الدّستور الفريد من نوعه خائنا لتونس، وكافرا بقبلتها الوحيدة، ومخالف لناموسها اللاّهوتيّ الدّستوريّ؟

– 3 –

إذا كانت تونس مسلمة « فطرة » (والفطرة من الأقدار الّتي لا مهرب منها) كما يلهج بذلك المهووسون على منابر الهرج والشّطط اللاّهوتيّ القانونيّ، المتلفّع بعباءة الدّيمقراطيّة، فلماذا يا ترى اختلفت عقائد ساكنيها قديما وحديثا؟ من يذكّر هؤلاء الثّرثارين أنّ الأحياء يغيّرون عقائدهم « الفطريّة » – كلّها أو بعضها، ويغيّرون جنسيّاتهم، بل جنسهم وجلودهم أحيانا – ما ظلّوا في الحياة، فإن تراجعوا إلى الجمود والعمى ماتوا وأنتنوا وعاثت في كيانهم الهوام، شأنهم في ذلك شأن كلّ الكائنات الحيّة؟

دلّوني على أرض تلزم ساكنيها بعقائدها وأهوائها وتهويماتها، وتنوب عنهم في إدارة شؤون ضمائرهم بحزم الجبّارين، تختار لهم « الإسلام الوهّابيّ » (أو غيره من أديان الأرض، وما أكثرها) قيدا تطوّق به أعناقهم على مدى الدّهر، وقناعا تطمس به بصائرهم فإذا هم في وداعة الخرفان يمأمئون ولاء، ويسلمون رقابهم للنّصال خضوعا لمشيئة « سماويّة » الأصل، « دستوريّة » المآل، « مدنيّة » المشرب، « متعدّدة » في وحدانيّتها، « ديمقراطيّة » في إكراهاتها، « تحرّريّة » في موانعها ونواهيها، « عادلة » في حيفها وجورها

– 4 –

أنا لا يضيرني بالمرّة أن يؤمن « المؤمن » ويكفر « الكافر » (والإيمان والكفر من المصطلحات الهجينة من منظور حقوقيّ، يفترض أنّه عماد حياة الإنسان المعاصر)، فكلّنا كفرة ومؤمنون (أي مختلفون، والاختلاف من الظّواهر المحمودة خلافا لما يعتقد الدّوغمائيّون، أنصار التّماثل الأريتميتيكي الّذي لا وجود له حتّى في عالم الحيوان) في أنظار بعضنا البعض، ولكن يضيرني كثيرا أن يضحي « الإيمان » و »الكفر » من شروط المواطنة، بل ومن مصطلحاتها وثوابتها : الدّستوريّة

– 5 –

لو كانت الأرض هي المعنيّة بالعقائد لظلّت كلّ أصقاع المعمورة على دياناتها البدائيّة، ولما كان للدّيانات « السّماويّة » المتأخّرة وجود، ولما كان « الإسلام » طبعا أصبح اليوم « الدّين الدّستوريّ » لأرض تونس، ولأهلها بالتّبعيّة، باعتبار أنّ الدّيانة سابقة على الإنسان كما هو منصوص عليه في الفصل الأوّل من الدّستور، وكما هو مبسوط في « شروح » شيوخ الفاتحين الجدد وحفّاظهم، أسياد هذا الزّمان، يؤكّدون على منابر الانتشاء والتّشفّي أنّ « الإسلام دين ودولة »، لا يشاركه في هذه الفضيلة أحد، وأنّه سيقضي القضاء المبرم على دولة « الحداثة »، عدوّة « الإسلام » (السّياسيّ، وليس الدّين الإسلاميّ)، القضاء المبرم

– 6 –

لا تستغربوا إن قام الدّعاة يوما على منابر الهذر اللاّهوتيّ الدّيمقراطيّ، القويّ بحرّيّة تعبيره حدّ الصّلف، يطالبون بتطهير أرض تونس من كلّ مظاهر الشّرك الدّستوريّ والكفر القانونيّ، فأرض « تونس المسلمة » لا مكان فيها لغير المسلمين البررة الأطهار، المنضوين كلّهم تحت راية « الفرقة النّاجية من النّار » بكلّ فصائلها، المتوائمة منها والمتناحرة على حدّ السّواء. ولا تعجبوا إن قام أوسع هؤلاء الدّعاة « علما »، وأبعدهم في الافتراء باعا، فرتّل: لا تجتمع في دستور تونس شريعتان بعد اليوم

– 7 –

لماذا لم يثبت في دستور تونس أنّها دولة عربيّة مسلمة (فهي من اعتنق الإسلام نيابة عن أهلها)، بيضاء البشرة؟ أليس بياض البشرة – تماما كاللّغة والإسلام – من القواسم المشتركة لأنعام تونس؟ وما العيب في أن تختار تونس للقطيع الآدميّ الّذي يهيم في مراعيها لغته وديانته ولون بشرته، فضلا عن مأكله ومشربه وملبسه وتقواه وفجوره، وطول السّكّين الّذي سيجزّ عنقه إن حدّثته نفسه يوما بشقّ عصا الطّاعة في وجه « وليّ أمره »؟

– 8 –

ليس عبدا من فرّط في حرّيّة ضميره (هذه الكبيرة الشّنيعة الّتي تفتّقت عنها العبقريّة الشّيطانيّة لأهل الانحراف عن الصّراط المستقيم) جبرا لخاطر وطنه، المسلم دستوريّا، وإلى الأبد، أحبّ من أحبّ وكره من كره لأنّه لا صوت يعلو على صوت الدّستور، وقد قرّر الدّستور أنّ التّونسيّين عن بكرة آبائهم وأمّهاتهم مسلمون، لا يجوز لهم أبدا أن يتزحزحوا عن هذه « القدريّة الدّينيّة » قيد أنملة

– 9 –

خلّوا بيننا وبين تونسنا نسألها عن دينها، وكفّوا عن ابتزازنا باسم أرض تعلمون جيّدا ألاّ لسان لها لتؤكّد أو تفنّد تخريفكم وهوسكم. ولو سئلت أرض تونس عن ملّتها – وأمكن لها أن تنطق – لقالت إنّ الملل والنّحل أمر لا يعنيها هي بالذّات، وإنّما هو شأن يتداوله فيما بينهم من يحيون على أرضها، يختار منها كلّ واحد منهم ما يرضاه لنفسه، ويكتفي به لنفسه

– 10 –

تنسخ العقائد بعضها بعضا، تزيح الجديدة منها – في مواطن غلبتها، وليس في الأرض برمّتها – القديمة فسخا واستيعابا. تستوي في ذلك العقائد كلّها على اختلاف مصادرها، لا فضل للغالبة على المغلوبة إلاّ بالاستمرار. وللاستمرار مدى يقصر عن الأبد مهما امتدّ وطال

– 11 –

حبّ البقاء في العقائد وسائر الكائنات الحيّة سواء. وفي ذلك دليل على بطلان المفاضلة بين الأديان سلبا وإيجابا من منطلق الحقيقة العقليّة، فكلّها تمتح بنفس القدر من معين الأساطير والخرافات، ديدنها جميعا الإيحاء والرّمز. لذلك يخطئ من يتوهّم أنّ الحقيقة تكمن في ما سطّر في كتبها، ويجانب الصّواب تماما إذا التزم بحرفيّة ما سطّر فيها منعا وإباحة، يزعم أنّه مؤهّل لكبح مقتضيات السّيرورة وإكراهاتها

– 12 –

ليس لتونس دين تعرف به، ولكنّ لتونس تاريخ طويل جاء فيه أنّ سكّان تونس اعتنقوا على مرّ الأحقاب ديانات ومللا شتّى.

– 13 –

من السّخف أن يضاف الدّين (الإسلام السّياسيّ تحديدا) إلى الأرض ليصبح بمثابة النّير تطوّق به رقاب أهاليها قاطبة وكأنّه من البديهيّ عقلا ومنطقا أن يكون الدّين – أيّ دين – في مقام ; الحتميّة البيولوجيّة

– 14 –

لو علم المغالون في أديانهم (الّذين يربأون بأنفسهم عن التّعاطي مع علم الأديان المقارنة، إشفاقا على « إيمانهم » أن تضعضعه رياح فتن البحث والتّنقيب) عدد الأديان الّتي نفقت فأدرجت في الأكفان، وطواها النّسيان فانقرضت نهائيّا من ذاكرة الأرض، لأدركوا حينئذ أنّه من الخير لعقائدهم أن تتأقلم مع دواعي الزّمان لتستمرّ، ولأدركوا خاصّة ألاّ خير في الزّجّ بعقائدهم – الأزليّة في نظرهم – في دساتير زائلة بالضّرورة

– 15 –

نحن شركاء في الوطن ولسنا شركاء في الآلهة، فلماذا تريد لأرضنا جميعا أن تكون نهبا لإلهك وحدك؟ إن كان لا بدّ لنا من مرجع، فليكن الوطن مرجعنا جميعا، بركنه نلوذ، وبأمره ونهيه نهتدي

– 16 –

ما حاجة بلاد – ارتضت للمقيمين على أرضها دين الإسلام عقيدة أزليّة – إلى صناديق الاقتراع؟ ألا يفترض المنطق السّليم أن يتولّى شؤون العباد فيها من رفعوا عاليا راية عقيدتها، وأن ينبذ من عداهم نبذا باتّا؟ أليس هذا هو ما يقوله تعريضا وتصريحا من زجّ بالإسلام (السّياسيّ طبعا) حيث لا مكان له، أي في أتّون السّياسة القذرة؟ ولا مكان اليوم في تونس لسياسة « تقيّة نظيفة »، ولو أقسم « الإسلام السّياسيّ » في كلّ المعابد أنّه لم يتردّى – ولن يتردّى – في العفن الذّي تردّى فيه غيره من ممتهني السّياسة؟

– 17 –

أي مكان يمكن أن يحتلّه « الإسلام » في ساحة تشهر فيها كلّ أسلحة الجشع والخديعة واللّؤم والخيانة؟ أيّ مكان يمكن أن يحتلّه « الإسلام » في حلبة لا تسلم أيادي كلّ من دخلها من القذر والدّنس والجريمة والدّماء؟

– 18 –

لو كانت تونس دولة مسلمة لكان حتم على كلّ من ولد تحت سمائها أن يدين بالإسلام، لا خيار في ذلك له ولذويه. ولكنّ هذا الزّعم لا يصحّ واقعا وعقلا لأنّ في تونس اليوم يهودا وشيعة وخوارج وبهائيّين ولادينيّين وملحدين، وفيها مسيحيّين أيضا، بل إنّ بعض مسلميها انسلخوا عن الإسلام ليعتنقوا المسيحيّة. فلماذا أدار « دستور التّوافق الدّيمقراطيّ » ظهره بكلّ ازدراء لهؤلاء؟ ولماذا تهاونت « وزارة الشّؤون الدّينيّة »، صلب الجمهوريّة المدنيّة الدّيمقراطيّة النّاشئة، بشؤون هؤلاء جميعا، وتحولّت إلى راعية للمقدّسات الإسلاميّة، تتربّص الدّوائر بمن تتوهّم أنّهم قد ينالون منها ويعتدون عليها؟

– 19 –

لا مكان للإسلام أو لغيره من الأديان في دساتير الأرض لأنّه ليس ثمّة دستور يتّسع للمطلق الّذي تصدر عنه الأديان

– 20 –
من عواقب « دسترة » الإسلام الوخيمة أنّها تلغي فيه الرّوح لصالح الأحكام الإجرائيّة العرضيّة، فيصبح القتل مثلا مقدّم على الرّحمة، وتذوب التّقوى في سفاسف المظهر والملبس والقول والفعل، ويتحوّل الله – جلّ وعلا – إلى مشجب وفزّاعة يبرّر بها « المؤمنون » تراجع العقل (الّذي أكرم به الله عباده وفضّلهم به على بهيمة الأرض)، بل وموته فيهم

– 21 –

هل صحيح أنّ « الخلافة » – الرّاشدة، ونقيضتها الفاسقة بعد تحولّها إلى « ملك عضوض » – كانت تعتمد القرآن دستورا؟ أجل يقول « المؤمنون »، وللمؤرّخين، والباحثين في مختلف فروع العلوم الإنسانيّة، رأي آخر، يحسن بالمؤمنين الاطّلاع عليه وإلاّ قضوا أعمارهم يسعون وراء : سراب في قيعة

– 22 –

إدراج « الإسلام » (أي الإسلام السّياسيّ) في دستور الجمهوريّة المدنيّة الدّيمقراطيّة النّاشئة باعتباره ديانة تونس، واستبعاد « الشّريعة » منه (مرحليّا، بانتظار أن تتهيّأ الظّروف الموضوعيّة لإدراجها فيه)، يعني فيما يعني أنّ « التّكفير » حقّ مدنيّ دستوريّ يمارس ضدّ كلّ المعارضين بمختلف مشاربهم، وأنّ « الجلد » و »الرّجم » عقوبتان مدنيّتان دستوريّتان (وإلاّ لما كان طولب بتطبيقهما في حقّ « المعارضين » عيانا جهارا)، وأنّ إرغام النّاس على صوم رمضان عمل حسبويّ مدنيّ دستوريّ لا غبار عليه (وإلاّ لما كانت أطلقت يدا المدعوّ العليمي ولسانه ينتهكون أعراض المواطنين الّذين لا يعني لهم الطّقس الرّمضانيّ شيئا)، وأنّ إقصاء الأقليّات الدّينيّة وتهميشها والطّعن في عقائدها حقّ مدنيّ دستوريّ مكفول للإسلام دون غيره، باعتباره الدّين الأغلبيّ. ومن حقّ الأغلبيّة، في جمهوريّة « مدنيّة ديمقراطيّة » من هذا القبيل بالذّات، أن تزدري « الأقلّيّة »، بل أن تسحقها وتلغيها تماما حفاظا على نقائها وعفافها واستقامتها

– 23 –

إقحام الدّين في الدّستور لن يساعد على قيام الجمهوريّة المدنيّة الدّيمقراطيّة المرتقبة، بل إنّه، على العكس من ذلك، سيكون من العوامل المساعدة على قيام دولة تيوقراطيّة طائفيّة على مثال دولة الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، يكون فيها « المعارضون » في مقام « أهل الذّمّة »، هذا إن لم يطبّق في حقّهم « حدّ الرّدّة » السّيّئ الذّكر

– 24 –

« تونس بلاد يتكلّم غالبيّة سكّانها العربيّة، ويدينون بالإسلام المالكي، وفيها أقلّيات دينيّة ومذهبيّة وفكريّة أخرى ». هذه صيغة، من ضمن صيغ كثيرة أخرى محتملة، كان بالإمكان اعتمادها من قبل واضعي الدّستور لوصف التّركيبة العقائديّة لسكّان تونس، وليس لتونس لأنّه لا وجود لهذه الأخيرة إلاّ عبر أهلها. هذه الصّياغة تزيح نهائيّا الخلط المريب، والمقصود من قبل صائغي الدّستور الجديد، بين دين « الدّولة » الواحد، ومعتقدات السّكّان المختلفة واقعا ومنطقا

– 25 –

دستور الجمهوريّة المدنيّة الدّيمقراطيّة لا تهمّه أديان السّكّان ومذاهبهم وعقائدهم إلاّ بصفتها حقوقا يتعيّن المحافظة عليها للجميع، وليس بصفتها ترتيبا تفاضليّا لهذه العقائد يتحوّل بموجبه « الدّين الأغلبيّ » إلى دين دستوريّ للدّولة، يتعيّن الالتزام به قانونيّا من قبل الجميع، أي من قبل معتنقيه وغير معتنقيه. هذه هي الثّغرة « الدّستوريّة » الّتي ستتذرّع بها « الدّيكتاتوريّة النّاشئة »، الّتي بشّر بها التّونسيّون منذ سنة 2012، لفرض إرادتها على الأبدان العقول والضّمائر

فرج الحوار

يتبع